يشرح الكاتب رنجان سولومون أنّ تصويت مجلس الأمن الأخير حول غزة يكشف لحظة مفصلية، ليس لأن القرار يغيّر الواقع؛ فالخراب ما زال ينهش غزة، والاحتلال يواصل إحكام قبضته، وواشنطن تواصل دور “الوصي العالمي” على حصانة إسرائيل.
هذا التصويت فضح ما حاول الغرب إخفاءه طويلًا: الفلسطينيون لا يقبلون بعد الآن أي صيغة إدارة خارجية لغزة، لا أمريكية ولا أوروبية ولا مؤسساتية تُغلّف نفسها بالحياد.
سقوط أسطورة “الوصيّ المحايد”
يشير المقال الذي نشره موقع ميدل إيست مونيتور إلى أنّ عصر “القوى العظمى” التي تعيّن نفسها أوصياء على فلسطين يقترب من نهايته. غزة ليست منطقة “فاشلة” تنتظر وصيًّا دوليًّا، ولا مساحة تجارب لـ“إدارة ما بعد الصراع”. غزة أرض محتلة لشعب يطالب – وله الحق الكامل – في إدارة شؤونه بنفسه.
ويقول الكاتب إن الادعاء بأن الفلسطينيين يحتاجون أوصياء هو تضليل سياسي وانتهاك قانوني، لأن القانون الدولي يكرّس حق الشعب المحتل في تقرير مصيره لا في الخضوع لإدارة أطراف ثالثة.
ويضيف أن كل خطط “اليوم التالي”، وآليات “إعادة الإعمار”، و“الترتيبات الأمنية” ليست سوى محاولة جديدة لنزع السيادة الفلسطينية تحت غطاء الإدارة المسؤولة.
تصويت مجلس الأمن بين الرسائل والواقع
يوضح الكاتب أنّ الغرب حاول تمرير قرار يعيد إنتاج رؤية “ترامب نتنياهو”، رؤية تُقسّم غزة وتختار “فلسطينيين مقبولين” وفق معايير إسرائيل وواشنطن.
اختارت روسيا والصين الامتناع بهدف الإشارة إلى أنّ مشروع الوصاية لا يحمل شرعية حقيقية، وأنه لا يعكس حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
لكن الأهم، وفق المقال، أنّ المجتمع الفلسطيني نفسه تجاوز هذه الطروحات: لا أوصياء، ولا جهات انتقالية، ولا “قيادات مفلترة” تُفرض عليه من الخارج.
القانون الدولي يقف إلى جانب الفلسطينيين
يؤكد الكاتب أنّ اتفاقية جنيف الرابعة وميثاق الأمم المتحدة يحددان بوضوح أنّ الشعب الواقع تحت الاحتلال يمتلك حق تقرير المصير، وأن أي “سلطة انتقالية” تفرضها قوى أجنبية تفقد شرعيتها.
وينصّ المقال على حقائق أساسية:
– إسرائيل قوة احتلال.
– الاحتلال غير قانوني.
– الحصار عقاب جماعي.
– حق الإدارة الذاتية ملك خالص للفلسطينيين.
ويقول، إن محاولات الغرب “تصميم” مؤسسات الحكم الفلسطينية أو فرض ترتيبات أمنية ليست اقتراحات، بل انتهاكات قانونية مغلّفة بلغة دبلوماسية.
غزة ليست عقارًا.. غزة ذاكرة وهوية
يعرض الكاتب الفرق الجوهري بين النظرة الغربية لغزة كنقطة إدارة وأزمة، وبين النظرة الفلسطينية لها كجذر وذاكرة وهوية.
يشير إلى أنّ غزة ليست “ملفًا” يُدار، بل مجتمع عريق يعود تاريخه لأكثر من 4000 عام، وعقدة وصل حضارية بين مصر وبلاد الشام.
الغرب يتعامل مع الأرض كملكية، بينما الفلسطينيون يتعاملون معها كذاكرة ومعنى وحقّ في الوجود.
ويشرح أنّ فشل كل صيغ التقسيم والإدارة والوصاية يعود إلى أنّ فلسطين ليست مسألة إدارة بل مسألة تحرر ووجود وحق تاريخي.
لماذا يفشل الغرب في حكم غزة؟
يرى المقال أن المشكلة ليست أخلاقية فقط بل بنيوية. تاريخ التدخلات الغربية في المنطقة – العراق، أفغانستان، ليبيا، لبنان – يبرهن على فشل الوصاية الأجنبية.
وغزة حالة أشد وضوحًا، لأن القوى التي تدّعي “المساعدة” شاركت فعليًا في الحصار، تسليح الاحتلال، وتوفير الغطاء السياسي لجرائمه.
يقول الكاتب إن الوصي لا يستطيع في الوقت ذاته لعب دور “المنقذ”، وإنه لو أراد الغرب حقًا الاستقرار لغزة لتوقف عن تسليح القوة التي تهدم بيوتها ومستشفياتها.
ولهذا يرفض الفلسطينيون قبول أي خطة إدارة خارجية، لأن الشعوب الخاضعة للاحتلال لا تقبل وصاية المعتدي.
مستقبل غزة بيد شعبها
يؤكد الكاتب أنّ السيادة الفلسطينية ليست أمنية بل حتمية تاريخية. الغرب ما زال يروّج لفكرة أن الفلسطينيين “غير جاهزين للحكم”، وهي رواية استعمارية قديمة.
لكن كل موجات المقاومة والانتفاض والتمسك بالهوية تقول العكس. يظهر المقال أن تصويت مجلس الأمن لم يغيّر المعادلة، لكنه كشف تآكل شرعية الخطاب الغربي حول غزة.
ويختم بالتأكيد أن غزة ليست مشروعًا إداريًا، بل قضية تحرر، وأن العالم – من الجنوب العالمي إلى حركات الشباب – يتجه نحو خطاب مناهض للاستعمار يعيد الاعتبار للحق الفلسطيني.
ينتهي المقال برسالة واضحة:
لا أوصياء. لا أوامر خارجية. لا وصاية “لطيفة”.
غزة المستقبل لن تُدار من الخارج لأنها أرض فلسطينية، وسيحكمها الفلسطينيون، لأنها جزء لا يتجزأ من فلسطين ولأن الفلسطينيين أصحاب الحق والتاريخ والهوية.
https://www.middleeastmonitor.com/20251118-no-more-custodians-and-colonialists-palestinians-will-reject-even-a-benign-western-control/

